الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

الدين لله والطعام للجميع


واصلت لجنة تقييم واختيار الجمعيات ببنك الطعام المصرى جولتها التقييمية إلى الجهة الشرقية للنيل من مركز ملوى بمحافظة المنيا إلى قرية دير البرشا التى تصنف إحصائيا ً ضمن أكثر القرى فقرا ً بالجمهورية إذ تصل نسبة الفقر بها 44.23 بالمائة ، ونصنفها نحن ضمن أولى القرى فقرا ًوإحتياجا ً ، فالقرية ضمن قرى الظهير الصحراوى والتى تنأى بعيدا ً عن أى مظاهر للتنمية شرق النيل فيجب عليك ركوب عبارة قديمة متهالكة تحمل ما تحمل من بشر وغيرهم ، لكى تعبر من وإلى القرية عبر مسافة لا تقل عن 120م تقريبا ً هى عرض النيل فى تلك المنطقة ولك أن تدعو بما شئت لكى تنجو من العبور الذى لم يسلم منه العديد من الغرقى بسبب الحمولة الزائدة أوسوء إدارة العبارة.

- ناهيك عن عدم المقدرة إلى الذهاب للعمل أو الإتصال بالعالم الغربى " أقصد البر الغربى للنيل " وقت الشبورة الكثيفة أو الأحول الجوية السئية التى تحول دون رؤية قائد العبارة لأقل من 10 دقائق فقط هى مدة الوصول للبر الآخر.

- فقر الحياة أحيانا ً يزخر بطبيعة خلابة فقد توازنت القرية من خلوها التام من مظاهر التنمية وتدفقت بها كل صور الطبيعة الساحرة ما بين نيل يجرى وأغصان وزروع وأشجار كثيفة مثمرة وجبل صامد يحدها ، منظر فى غاية الجمال والروعة ولكن دون إستغلال حقيقى أو عائد مادى يكفى لعيش تعساء هذه المنطقة ، فضيق المساحة بين النيل والجبل من ناحية وقلة الحيازة الزراعية من أخرى.

- دير البرشا من أقدم الأديرة التى عرفتها مصر القبطية ومن قبلها الحضارة الفرعونية التى صنفت القرية إلى منطقة أثرية فى جوفها آمال لكثير من علماء البحث والتنقيب والحفر حول العالم حتى أننا وفى مستهل دخولنا القرية نرى مشهدا ً فى غاية الغرابة وقد تجمعت البهائم والأغنام فى ساحة بمدخل القرية وفى وسطها لافتة مكتوبة عليها ، منطقة أثرية – ممنوع الإقتراب ، فإلى هذا المدى وصلت الأماكن الأثرية بتلك المنطقة بسبب الفقر والجوع!

- القرية ذات الشوارع الضيقة والعشوائية التى لا تسمح إلا بمرور السنتيمترات من عرض بنى البشر ، والبنايات البسيطة المتلاصقة المتشابهة فى الضيق والكثرة والسواد.

- إلتقينا بالقس أنطونيوس ذاك الراهب الكنسى الذى استعد للقائنا بحفاوة بالغة وطيبة قلب لا توصف وصدق فى الكلام لا مراء فيه ، وعلامات إيمان ٍ تشعر بأنك تعرفه منذ سنين ، ولكن الرجل فيه سماحة تؤكد صدق الروابط القوية بين المسلمين والأقباط وأنه على يقين تام بضرورة فهم الأخر وتقديم يد العون للمحتاج ولا فرق بين مصرى وأخيه المصرى .

- أبرز ما يميز القس ومعاونوه هو الصدق فيما أدلو به من معلومات عن كل كبيرة وصغيرة بالجمعية أثناء تقييم " جمعية أمل المستقبل " والتى تخدم قرية دير البرشا وسكانها جميعا ً من المصريين الأقباط ، والسمعة والوقار الذى تحمله جموع سكان القرية لذاك الشاب الراهب السمح .

- الأمر فى غاية الخطورة أن يترك البنك مثل هؤلاء المصريين يعانون كل أنواع الفقر والجوع والضنك والتى يهجرها كل من شب من أبناءها المتعلمين للقاهرة والعمل فى الأديرة والمزارع والمتعلم هناك لا يتعدى مرحلة الدبلوم ، الأمر الذى يعد مصدر فخر لهم ، دليل على دنو المستوى التعليمى بالقرية.

- قمنا بزيارة العديد من الحالات بالقرية لإستبيان نسبة الفقر وأشكال الجوع ، الأمر الذى لا يدع مجالا ً للتفرقة بين صاحب عقيدة أو أخرى ولا توجد فرصة لأن يجول فى ذهنك ذلك ، فكبار السن من الأمهات يرتدين الجلباب الريفى وعلى رأسها شالا ً من الصوف وكذلك بعض الشابات اليافعات مما لا يدع مجالا ً للتفرقة الشكلية كما يرى البعض والسلام والمحبة تعم أهل القرية جميعا ً الذين رأينا فى أعينهم فرحة غامرة عندما شعروا أننا بمقصد الإتيان لهم بالقليل من المساعدات ، إننا حقا ً مصريين